إن المعرفة الجيدة أسبق عند الله من العمل المضطرب ، ومن العبادة الجافة المشوبة بالجهل والقصور
قال رسول الله : فضل العلم خير ممممن فضل العبادة وقال "قليل العلم خير من كثير العبادة " وقال " أفضل العبادة الفقه " وقال رسول الله " ياأباذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلى مائة ركعة : ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل به خير لك من أن تصلى ألف والسر فى هذا الحكم أن عبادة الجهال - كصداقتهم - قليلة الجدوى ، وهم يضرون أنفسهم من حيث يريدون نفعها ، ويؤذون أصدقائهم من حيث يبغون راحتهم ، وجهلة العباد يستمسكون الذين استمساكاً شديداً ، ويتعصبون له تعصباً ظاهراً ، ولكنهم فى ساعة رعونة وغباء يقفون منه الموقف الذى يلحق به الأذى والمعرة ، ويجر عليه المتاعب الجمة ، أما أولو العلم فإن بصيرتهم الذكية تحكم مسلكهم وتلهمهم الرشد ، فلو قل عملهم كثر مايصحبه من سداد وبصر.
ولذلك يقول رسول الله :"فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " ، ويقول :"فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم رجلا " .ولما كان ضيق الأفق لا يدع للإيمان امتداداً ، قال الله عز وجل : " وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون "
والعلم الذى يقبل عليه المسلم ، وتستفتح أبوابه بقوة ، ليس علماً معيناً ، فكلما يوسع منادح النظر ويزيح السدود أمام العقل النهم إلى المزيد من العرفان وكل مايوثق صلة الإنسان بالوجوه ، ويفتح له آماداً أبعد من الكشف والإدراك .
قال رسول الله : " من سلك طريقاً التمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ".
وقال : "مااكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدى صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى ! وما استقام دينه حتى يستقيم عقله ! " .وقال : "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض ،حتى النملة فى جحرها وحتى الحوت فى جوف البحر ليصلون على معلم الناس الخير".
فالسياق فى هذه السنن يوجه إلى أى علم يطلب : تعلم الخير ، الحكمة ، مايقى من الضرر ، مايقرب من النفع .وتخصيص العلم بلون معين من الثقافة كتخصيص المال بنوع معين من الأملاك لا وجه له .ولا شك أن فى طليعة ما تجب معرفته حق الله على الناس ، وحق الناي بعضهم على بعض ، فإن هداية السلوك إلى الصالح العام كبيرة الأثر فى تنظيم الجماعات وتوجيه السياسات لكن من الخطل أن نظن العلم المحمود هو دراسة الفقه والتفسير وما شابه ذلك من فنون فحسب . وأما ماورائها فهو نافلة يؤديها من شاء تطوعاً أو يتركها وليس عليه من حرج .. !!
هذا خطأ كبير ، فإن علوم الكون والحياة ، ونتائج البحث المتواصل فى ملكوت السماء والأرض لا تقل خطراً عن علوم الدين المحضة ، بل قد يرتبط بها من النتائج ما يجعل معرفتها أولى بالتقديم من الاتستبحار فى علوم الشريعة .
وحسبنا أن القرآن الكريم عندما نوه بفضل العلم وجلال العلماء إنما عنى العلماء االذين يعرفون عظمة الخالق من عظمة الخلق ، وإنما عنى العلم الذى ينشأ من النظر فى النبات والحيوان وشئون الطبيعة الأخرى .
محمد الغزالى- خُلق المسلم
Tidak ada komentar:
Posting Komentar